الأحد، 26 مايو 2013

هل يجب دفع الزكاة إلى الإمام ؟

بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجب دفع الزكاة إلى الإمام ؟
إذا كان بإمكان المكلف دفع الزكاة للإمام، وتفريقها بنفسه، فقد اختلف الفقهاء في ذلك:
المذهب الأول: ذهب أبو حنيفة ومالك وأبو عبيد، وهو القديم من قولي الشافعي: إلى التفريق بين الأموال الظاهرة، وهي الزروع، والمواشي، والمعادن، ونحوها، وبين الأموال الباطنة وهي الذهب والفضة والتجارات.
أما الظاهرة فيجب دفعها إلى الإمام، لقوله تعالى: { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً } التوبة 103، ولحديث ابن عباس، ولأنَّ أبا بكر طالبهم بالزكاة وقاتلهم عليها، ووافقه الصحابة على هذا، فليس للمزكي إخراجها بنفسه، حتى لقد صرح الشافعية بأنه لو أخرجها كذلك لم تجزئه.
وأما زكاة الأموال الباطنة فقال الحنفية: للإمام طلبها، وحقه ثابت في أخذ الزكاة من كل مال تجب فيه الزكاة، لعموم آية التوبة. وما فعله عثمان رضي الله عنه أنه فوض إلى الملاك زكاة المال الباطن، فهم نوابه في ذلك، وهذا لا يسقط طلب الإمام أصلا، ولهذا لو علم أن أهل بلدة لا يؤدون زكاتهم طالبهم بها. فأما إذا لم يطلبها لم يجب الدفع إليه.
وقال المالكية والشافعية: زكاة الأموال الباطنة مفوضة لأربابها، فلرب المال أن يوصلها إلى الفقراء وسائر المستحقين بنفسه، وله أن يسلمها للإمام ولا يجب عليه ذلك.
المذهب الثاني: ذهب الحنابلة، وهو الجديد المعتمد من قولي الشافعي: إلى أن الدفع إلى الإمام غير واجب في الأموال الظاهرة والباطنة على السواء، فيجوز للمالك صرفها إلى المستحقين مباشرة، قياسا للظاهرة على الباطنة، ولأنَّ في ذلك إيصال الحق إلى مستحقه الجائز تصرفه، فيجزئه، كما لو دفع الدين إلى غريمه مباشرة، وأخذ الإمام لها إنما هو بحكم النيابة عن مستحقها، فإذا دفعها إليهم جاز؛ لأنهم أهل رشد.
ثم قال الشافعية في الأظهر: الصرف إلى الإمام أفضل من تفريقها بنفسه؛ لأنه أعرف بالمستحقين، وأقدر على التفريق بينهم، وبه يبرأ ظاهرا وباطنا.
وقال الحنابلة: تفرقتها بنفسه أولى وأفضل من دفعها إلى الإمام؛ لأنه إيصال للحق إلى مستحقه، فيسلم عن خطر الخيانة من الإمام أو عماله؛ ولأن فيه مباشرة تفريج كربة من يستحقها، وفيه توفير لأجر العمال الساعين عليها، مع تمكنه من إعطاء القريب المحتاج، وذوي رحمه، وصلتهم بها، إلا أنه إن لم يثق بأمانة نفسه فالأفضل له دفعها إلى الساعي، لئلا يمنعه الشح من إخراجها.

أما لو طلب الإمام العادل الزكاة فإنه يجب الدفع إليه اتفاقا، سواء كان المال ظاهرا أو باطنا، والخلاف في استحقاقه جمع زكاة المال الباطن لا يبيح معصيته في ذلك إن طلبه، لأن الموضع موضع اجتهاد، وأمر الإمام يرفع الخلاف كحكم القاضي، كما هو معلوم من قواعد الشريعة. وقد صرح المالكية بأن الإمام العدل إذا طلب الزكاة فادعى المالك إخراجها؛ لم يصدق إلا ببينة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق