الخميس، 26 مايو 2016

حكم دفع الزكاة للمتسولين الذن يجهل حالهم

حكم دفع زكاة المال للمتسولين
السؤال: أنا صاحبُ محلٍّ تجاريٍّ، وأُخرج زكاةَ مالِي كلَّ عامٍ في شهرِ رمضان، وعادةً ما يتردَّدُ المتسولُونَ على المحلِّ لطلبِ الصَّدقةِ، وأنا لا أعرفهم وأجهل حالهم؛ فهل يجوز لي أن أعطيَهُم من زكاة مالي ؟
الجواب: الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ الله، وبعد...
اعلم أنَّ القرآنَ الكريمَ قد حدَّدَ الأصنافَ التي يجوزُ صَرْفُ الزَّكاةِ إليها، وهِيَ محصورةٌ ثمانيةٌ وردت في قول الله تعالى:
{ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } ( سورة التوبة، الآية 60 ).
وتفصيلها على النحو التالي:
1. الفقراء: والفقير هو من ليس له مالٌ ولا كسبٌ حلالٌ يليقُ به، ويحقِّقُ كفايته من مطعم ومشرب وملبس ومسكن، كمن يحتاج إلى خمسة دنانير يومياً، ولا يجد شيئاً من ذلك.
2. المساكين: والمسكين الذي يستحق الزكاة هو الذي يملك قوت يومه؛ ولكن لا يكفيه؛ كمن يحتاج إلى خمسة دنانير يومياً، ولا يجد إلا ثلاثةً فقط.
3. العاملون عليها: أي الموظفون الذي يعملون على جمعِ الزَّكوات وحسابِها وتقسِيمها، وهؤلاء يستحقون منها مقابل عملهم بضوابط، والدولة هي التي تعطيهم من الزكاة، وليس لآحاد الناس أن يقوم بذلك.
4. المؤلفة قلوبهم: ممن أسلموا حديثاً، أو كان إيمانهم ضعيفاً؛ فيعطون من الزكاة ليثبت إسلامهم، أو يسلم أمثالهم، أو يذبوا عن المسلمين، وفي إعطائهم من الزكاة تفصيلٌ وخلافٌ، والتقديرُ في ذلك يرجعُ للإمام، ولا يجوز لآحاد الناس أن يعطيهم من الزكوات؛ لأنَّ تقديرَ المصلحةِ في مثلِ هذه الحالات راجعٌ للسلطان.
5. في الرقاب: أي يجوز صرف الزكاة في فك رقاب العبيد ( الرقيق ) إذا أرادوا تخليص أنفسهم من ( الرِّق ) بدفع المال لأسيادهم، وهو ما يسمَّى بالمكاتبة، فندفع لهم من الزكاة لنُساعدَهم على تحرير أنفسِهم.
6. الغارمون: والغارم هو الذي وقع في غُرمٍ حالٍّ للناس عليه، ولم يستطع الوفاء بسبب جائحةٍ أصابت ماله، أو كسادِ تجارته، بشرط أن يكون ذلك في غيرِ معصيةٍ، وألا يكون له مالٌ يسدد ما عليه منه، كما يدخل في الغارمين من استدان لإصلاح ذات البين ولو كان غنياً.
7. في سبيل الله: يجوز إنفاق زكاة المال في الجهاد في سبيل الله، ومن أجل الإعداد له، كما يجوز الإنفاق على القائمين على الجهاد والمنشغلين به إذا لم يكن لهم مصدر رزقٍ آخر.
8. ابن السبيل: وهو المسافر الذي انقطع به السفر، وليس معه من النفقة ما يكفيه لسفره، فيعطى من الزكاة ما يُبلِّغُه مقصدَه، بشرط إلا يكون مسافراً لارتكاب معصيةٍ.
واعلم أنَّ الزَّكاة منحصرةٌ في هذه الأصناف دون غيرها علَى تفصيلٍ فيها عند الفقهاء، بشرط أن يكون المُعطى منها مُسلماً، وألاَّ يكون من بني هاشم أو عبد المطَّلب؛ لأنَّ الزكاة حرامٌ على آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.
فإذا علمت ذلك؛ ظهر لك أنَّ (التَّسوُّلَ) ليس مصرفاً من مصارف الزكاة، وهو وحده ليس سبباً كافياً لإعطاء صاحبه شيئاً من زكاة المال؛ إلاَّ إذا كان المتسول فقيراً أو مسكيناً فإنه يُعطَى من الزكاة لفقره لا لتسوله.
إضافةً إلى ذلك؛ فقد ظهر في الآونة الأخيرة بعض الناس الذين صار التسول لهم مهنةً يتكسبون منها، مع أنهم قادرون على الكسب، أو أغنياءٌ يجب عليهم إخراج الزكاة.
وعليه فلا يجوز دفع زكاة المال للمتسولين الذين يُجهل حالهم؛ لأنَّ الأصل عدم استحقاقهم الزكاة، ومن دفع زكاة ماله لمتسولٍ وهو يجهل حاله؛ فإنَّ ذلك لا يجزئه، وعليه أن يخرج الزكاة مرةً أخرى.
وأما قوله تعالى: { وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ } ( سورة الذاريات، الآية 19 )، فإنَّ المراد بالسائل في الآية هو المحتاج معروف الحال، أو أنَّ الآية محمولةٌ على الصدقة المندوبة، وفيها تفسيرات أخرى ذكرها العلماء.
فيجوز لك والحالة هذه أن تعطي المتسول من حُرِّ مالكَ صدقةً مندوبةً، وتثاب عليها إن شاء الله تعالى، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.

وكتبه/ محمد سليمان الفرا

الثلاثاء، 24 مايو 2016

من هو الدعي؟


مَن هو الدَّعيُّ؟
شاعَ فِي كلامِ العربِ الذمُّ والهجاءُ بلَفظِ (الدَّعيِّ)، ومِن معانيهَا المُشتهرةِ عندهُم: (المتَّهمُ فِي نَسَبِهِ)، و(المنتَسِبُ إلَى غَيرِ أَبِيهِ)، وفِي ذلكَ طعنٌ فِي الأنسَابِ، وتعريضٌ بالقذفِ، واتهامٌ بالفاحشَةِ، وقَد ثبتَ فِي ديننَا النَّهيُ عَن قذفِ الأعراضِ، والطَّعنِ فِي الأنسابِ، فعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ: (لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلا اللَّعَّانِ وَلا الفَاحِشِ وَلا الْبَذِيءِ) أخرجه الترمذي وصححه الألباني.
لكنْ ممَّا يؤلمُ اليومَ انبراءُ بعضِ حدثاءِ الأسنانِ إلَى المُسارعَةِ فِي امتطاءِ هذِهِ الكَلِمَةِ عندَ كلِّ نقاشٍ، بدعوَى الذَّبِّ عَن الحقِّ، والدفاعِ عَن أهلِهِ، فكلُّ مَن خالفَهُم دعيٌّ شقيٌّ، ومَن وافقَ مَا يحبونَ هو الحسيبُ النسيبُ التقيُّ!
وتلكَ لعمرُ اللهِ طامةٌ كبرَى، وآفةٌ عُظمَى، فلا الحقُّ يُدَافَعُ عَنهُ بالسبابِ والشتمِ، ولا الباطلُ يُدْحَضُ بالقذفِ والطّعنِ، ولا ينبرِي أحدٌ للدفاعِ عَن الحقِّ، فيعترِي كلامَهُ الهَذَرُ والشَّتْمُ إلا كَان مُبْطِلاً، فإنَّ مِمَّا اتفقتْ عليهِ الشرائعُ كلُّها بَعدَ التوحيدِ حسنَ الخُلُقِ.
ولذلكَ قالَ السلفُ: "إذَا رأيتَ الرجلَ يدافعُ عَن الحقِّ فيشتمُ، ويسبُّ، ويغضبُ، فاعلمْ أنّهُ معلولُ النيَّةِ؛ لأنَّ الحقَّ لا يحتاجُ إلَى هذَا، يكفَي الحقَّ أن تصدَحَ بِهِ، حتَّى يُستجَابَ لَهُ".
نسألُ اللهَ الهدايةَ

دروشة فارغة

#دروشة_فارغة
لا زال عدد من رواد العالم الأزرق تستهويهم صور حبات البطاطس التي ظهر عليها اسم النبي الكريم، وآذان الماعز التي نقشت عليها صورة البيت العتيق، وينخدعون بمقطع مرئي تم عرضه مقلوبا، ليخدع الناس بدجاجة يخيل إليهم أنها تكتب لفظ الجلالة بحبات القمح على الأرض!!
معاشر الدراويش الأتقياء...
إن هذا ليس من التقوى في شيء، فالتفاعل والانفعال والإعجاب والمشاركة والتعليق على مثل هذه الصور والمقاطع لا يزيدنا إيمانا، وإغفالها لا يلزم منه قسوة القلب، إنما يزيد الإيمان بالطاعة المتضمنة للقيام بواجب الخلافة في الأرض، وإلا فلن تغني عنا بطاطتنا ولا بيضنا ولا جزرنا ولا دجاجنا من الله شيئا!!!
وكتبه محمد سليمان الفرا

وليس الله من وراء القصد

وليس الله من وراء القصد!
استَحضَرَ النيَّةَ، وجلَسَ إلَى حاسُوبِهِ المَحمُولِ، ثم استجمَعَ أفكَارَهُ، وعَصَرَ ذهنَهُ، وراحَتْ أصابعُهُ تدُوسُ لوحَةَ المفاتِيحِ بِكُلِّ خِفَّةٍ وسَلاسَةٍ، يكتبُ مُتحفِّزاً كأنَّه يُناظِرُ مُلحِداً، أو يُحَاوِرُ شَيطَاناً مَريداً، وقَد جَمَعَ مِن ألفَاظِ السبِّ أقذَعَهَا، ومن بذِيء الشَّتَائِمِ أشدَّهَا، ناهيكَ عَن عباراتِ التَّفسيقِ والتَّبدِيعِ والتَّخوينِ... والتَّكفيرِ!!، كل ذلكَ فِي مَسائلَ لا تتعلَّقُ بأصولِ الدينِ، بلْ تتَّصِلُ بمَا وَقَعَ فيهِ الخِلافُ مِن فروعِهِ، ممّا كانَ للسَّابقِينَ مِن ثِقاةِ أهلِ العلمِ نقاشٌ فيهِ ومراجعاتٌ.. ثم اختتَمَ مقَالَهُ بِقولِهِ: (واللهُ مِن ورَاءِ القَصدِ)!!!
يَا هذَا..
أينَ اللهُ مِن قصدِكَ؟
ومتَى تعبَّدنَا اللهُ بالبذَاءَةِ والوقوعِ فِي أعراضِ الناسِ؟
وهلْ مِن مقاصِدِ الشَّرعِ سَبُّ النّاسِ وتسفِيهُ كلِ مَن خَالفَ هَواكَ؟
يَا مِسكين.. كان ينبغِي أنْ تكتبَ فِي نهايَةِ سبابِكَ: (وليسَ اللهُ مِن وَراءِ القصدِ! إنَّما هُوَ الانتصارُ للهَوى، والبحثُ عَن حَظّ النفسِ، وتبديعُ المُخالِف، ولو كَانَ عَلَى حَقٍّ!).
أيُّهَا الكاتِبُونَ مَهلاً.. فلقَد بلَغَنَا عَن بعضِ السَّلفِ قولُهُم: "إذَا رأيتَ الرَّجُلَ يُدافِعُ عَن الحقِّ، فيَشْتُمُ، ويسُبُّ، ويغضَبُ، فاعلَمْ أنَّهُ معلُولُ النّيَّةِ؛ لأنَّ الحقَّ لا يحتاجُ إلَى هَذَا، يكفِي الحَقَّ أنْ تَصْدَحَ بِهِ، حتَّى يُستَجَابَ لَهُ"، وقَد عَلِمنَا مِن سُنَّةِ نَبِيِّنَا أنَّ المؤمنَ ليسَ طَعَّاناً ولا لعَّاناً ولا فَاحِشاً ولا بَذِيئاً..
والله من وراء القصد.