الأربعاء، 15 مايو 2013

قراءات في القواعد الفقهية ( الحلقة الاولى )


بسم الله الرحمن الرحيم

قراءات في القواعد الفقهية

الشيخ محمد سليمان الفرا

الحلقة الأولى: ( الفرضُ أفضلُ من النفلِ )

من القواعد الفقهية المقررة في كتب الشافعية قاعدة ( الفرض أفضل من النفل ).

ودليلها ما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما يحكيه عن ربه: ( وما تقرَّب إلي المتقربون بمثلِ أداءِ ما افترضتُ عليهم ).

فالحديث فيه دلالة على أن التقرب إلى الله - جلَّ وعلا - في الفرائض أعظم عنده من التقرب إليه بالنوافل، فتكون الفريضة أعظم أجراً ومقصوداً من النافلة، وهو معنى القاعدة، ولذلك قال الشافعية: ( إذا ضاق الوقت عن الفرض والنفل معاً، يجب الإتيان بالفرض )، ومن تطبيقاتها الفقهية:

1.     إنَّ المسبوق إذا أدرك الإمام في الصلاة، وعلم أنه لن يدرك الفاتحة ودعاء الاستفتاح في الصلاة معاً، وجب عليه ترك دعاء الاستفتاح، والإتيان بالفاتحة لأنها فرض.

2.     كذلك المتوضئ إذا لم يكن معه ماءٌ يكفي لإسباغ وضوئه، اكتفى بالفرض وجوباً، ولو ضاق الوقت وخشي فوات وقت الصلاة؛ اكتفى بفرائض الوضوء الست، ولم يثلِّث.

قال إمام الحرمين: " قال الأئمة: خص الله نبيه صلى الله عليه وسلم بإيجاب أشياء لتعظيم ثوابه, فإن ثواب الفرائض يزيد على ثواب المندوبات بسبعين درجة ".

وهذه القاعدة لها استثناءات فضِّلت النافلة فيها على الفرض، وهي أربعة عند الشافعية:

1.     المدين المعسر؛ إنظاره واجب، وإبراؤه نافلة، والإبراء أعظم ثواباً من الإنظار.

2.     ابتداء السلام سنةٌ، وردُّهُ واجبٌ، والابتداء أعظم ثواباً لما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي ايوب الأنصاري رضي الله عنه مرفوعاً ( وخيرهما الذي يبدأ صاحبه بالسلام ).

3.     الأذان سنةٌ، ورجَّح الإمام النووي أنَّه أفضل من الإمامة، وهي فرض كفاية على الراجح.

4.     لا تصح صلاة المحدث إلا بوضوءٍ، وهو قبل دخول الوقت سنَّةٌ، ويجب بعد دخول الوقت، وصرَّح نجم الدين القمولي أنَّ الوضوء قبل الوقت أفضل منه في الوقت؛ إلَّا لمن خشي انتقاض الوضوء.

وقد جمعها السيوطي في بيتين من الشعر بقوله:

الفرضُ أفضــلُ من تطوُّعِ عابدٍ *** حتى ولو قد جاء منه بأكثر

إلا التطَهُّر قبلَ وقـــــــــــتٍ وابتدا *** ء للســــــــلام كذاك إبرا معسر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق