الأحد، 4 أغسطس 2013

البيانُ الرَّشيد لأحكامِ صلاةِ العيد


بسم الله الرحمن الرحيم

البيانُ الرَّشيد لأحكامِ صلاةِ العيد
                                                                              بقلم الشيخ محمد سليمان الفرا
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ علَى أشرفِ الخلقِ أجمعينَ، وبعدُ...
فهذِه نشرةٌ موجزةٌ في أهمَّ أحكامِ صلاةِ العيدِ، وما يتَّصلُ بها من مسائلَ، وهيَ مبسوطةٌ فِي تسعةِ بنودٍ كما يلي:
1.       صلاةُ العيدِ سُنَّةٌ مؤكَّدَةٌ عن المُصطفَى صلَّى الله عليه وسلَّم، وهيَ مِن شعائرِ الإسلامِ الظاهرة، فلا ينبغِي للمسلمِ تركُها.
2.       يبدأُ وقتُ صلاةِ العيدِ بعد شروق الشمسِ بمقدار عشرِ دقائق، إلى زوالها عَن كبدِ السَّماءِ، ودخولِ وقتِ الظهرِ، ومن السُّنَّةِ تأخيرُ صلاةِ عيدِ الفطرِ عن أوَّلِ وقتِها؛ حتَّى يتمكنَ النَّاسُ من إخراجِ صدقةِ الفِطرِ قبلَ الصلاةِ، كما يُسنُّ تعجيلُ صلاةِ عيدِ الأضحَى؛ ليُسارِعَ الناسُ إلى ذبائحهِم بعدَها.
3.       يُسَنُّ الخروجُ لأداءِ صلاة العيد في العَراءِ؛ لما روى أبو سعيدٍ الجدريِّ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى...) أخرجه البخاري، وقد داومَ الخلفاءُ الراشدونَ على ذلكَ مِن بعدِه، ولما فيه مَن اجتماعِ الناسِ يومَ العيدِ، وتحقيقُ التعارفِ والتآلفِ بينَهُم.
4.       صلاةُ العيدِ ليسَ لها سنَّةٌ راتبةٌ قبليةٌ ولا بعديةٌ؛ لِما رَوى ابنُ عباسٍ رضيَ الله عنهما (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى يَوْمَ الْفِطْرِ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا...) أخرجه البخاري، وإذا كانتْ صلاةُ العيدِ في المسجِدِ فلا يجلسْ الداخلُ حتى يصلِّيَ ركعتينِ؛ لحديث أبي قتادة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلَّم قال: (إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ) متفقٌ عليه.
5.       صلاةُ العيدِ ليسَ لها أذانٌ ولا إقامةٌ؛ لحديثِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْعِيدَ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلا إِقَامَةٍ) أخرجه أحمد في مسنده بإسنادٍ صحيح.
6.       تُقدَّمُ صلاةُ العيدِ على الخُطبةِ، لما روى عبدُ اللهِ بنُ عمرَ رضي الله عنهما (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ ثُمَّ يَخْطُبُ بَعْدَ الصَّلَاةِ) أخرجه البخاري، وكذلك فَعَلَ الخلفاءُ الراشدونَ المهديون من بعدهِ، وعليه جُلُّ علماءِ الأمةِ.
7.       ينبغِي للمسلمِ أن يحرصَ على حضور خطبة العيد، وألَّا ينصرفَ عقِبَ الصلاةِ مباشرةً؛ لما في ذلك مِن اتباعِ هديِ المصطفَى صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ، ولمَا فِي الخطبة مِن بيانٍ لأحكامِ يومِ العيدِ، وآدابِه ومستحباته.
8.       إذَا اجتمعَ العيدُ مع الجمُعَةِ في يومٍ واحدٍ فالراجحُ في المسألةِ أنَّ من صلىَّ العيدَ سقطت عنه الجمعةُ، ويصلِّيهاً ظهراً؛ ولا يسقطُ عنهُ فرضُ الظُّهرِ؛ لأنَّ فرضَ الظُّهرِ ثبتَ بيقينٍ؛ فلا يزول إلّا بيقينٍ مثلهِ، ويدلُّ لذلك حديثُ زيد بن أرقم رضي الله عنه (أنًّهُ شَهِدَ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِيْدَيْنِ [يقصد العيد والجمعة] اجْتَمَعَا فِي يَومٍ، فَصَلَّى العِيدَ، ثُمَّ رَخَّصَ فِيْ الجُمُعَةِ، فَقَاْلَ: مَنْ شَاْءَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلّ) أخرجه أبو داوود وصححه ابن خزيمة.
9.       صلاةُ العيدِ ركعتانِ فقط، وهما مخصوصتانِ بزيادةٍ في التكبيرِ، وكيفيتهُما في ستَّةِ أفعالٍ على النَّحوِ التالِي:
‌أ.          المشهور في المسألة أن يُكبِّرَ المصلي في الركعةِ الأولَى سبعَ تكبيراتٍ بعد تكبيرة الإحرامِ، وفي الثانية خمسَ تكبيراتٍ بعد تكبيرة القيام، لحديث عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جده (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ فِي عِيدٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً، سَبْعًا فِي الْأُولَى، وَخَمْسًا فِي الْآخِرَةِ، وَلَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا، وَلَا بَعْدَهَا) أخرجه أحمد بإسنادٍ صحيحٍ، وورد عن الصحابة رضي الله عنهم اختلاف في عدد التكبيرات، والمسألةُ فيها سعةٌ.
‌ب.      يكبِّر المأمومُ تبعاً للإمامِ، يرفع يديه معَ كلِّ تكبيرةٍ على الراجحِ من مذاهبِ العلماءِ، وإليه ذهبَ الشافعيةُ والحنابلةُ، ويدلُّ لهُ حديثُ وائل بن حُجرٍ رضي الله عنه قال: (رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ التَّكْبِيرِ) أخرجه أبو داوود بإسنادٍ حسنٍ، وهو عامٌّ في صلاةِ العيدِ وغيرِها.
‌ج.       والتكبيراتُ الزائدةُ في ركعتي العيد سنَّةٌ، لا تبطلُ الصلاةُ بتركِها، وليس فيها سجودُ سهوٍ؛ لكنَّ مَنْ تركَها عمداً يُعَدُّ مُخالفاً لسُنَّةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وفاتَهُ خيرٌ كثيرٌ.
‌د.         يُسنُّ للمصلي أن يحمدَ الله تعالى ويُثنِيَ عليهِ، ويُصليِّ على نبيِّهِ بين كلِّ تكبيرةٍ وأخرى؛ لما روى عُقبةُ بنُ عامرٍ قال: سألت ابن مسعودٍ رضي الله عنه عمَّا يقوله بعد تكبيرات العيد قال: (يحمدُ اللهَ ويُثنِي عليهِ، ويُصلِّي على النَّبِيِّ) أخرجه البيهقيُّ، وصحَّحه الألباني.
‌ه.      إذا دخلَ المأمومُ مع الإمامِ وقد فاتَهُ بعضُ التكبيراتِ الزائدةِ؛ فإنَّه يُكِّبرُ مع الإمامِ، ويَمضِي مَعَهُ في الصلاةِ، ويَسقطُ عنه ما فاتَهُ من التكبيراتِ الزائدةِ.
‌و.        يُسنُّ للإمام أن يقرأَ في الركعةِ الأولَى بسورةِ الأعلَى، وفي الثانيةِ بسورةِ الغاشيةِ؛ لحديثِ النعمانِ بنِ بشيرٍ رضي الله عنه (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ بِهِمَا فِي العِيْدِ) أخرجه مسلمٌ.
وصلَّى اللهُ علَى نبيِّهِ محمدٍ وعلى آلِه وصحبِهِ أجمعينَ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق