الخميس، 1 أغسطس 2013

أريجُ العِطْر في أحكامِ زكاة الفِطْر


بسم الله الرحمن الرحيم

أريجُ العِطْر في أحكامِ زكاة الفِطْر

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وبعد...
فهذه رسالةٌ موجزةٌ في أهمَّ أحكامِ صدقةِ الفطر، وهي مبسوطةٌ في النقاط التسع التالية:

§        أولاً: تعريفُ صدقةِ الفِطر:
(صدقةُ الفِطرِ) وتسمى أيضا (زكاةَ الفِطرِ) أو (الفِطرة) هي: مقدارٌ من المالِ يُخرِجُه المسلمُ عن نفسِهِ وأهلِ بيتِهِ في نهايةِ شهرِ رمضانَ المباركِ، وهيَ زكاةٌ على الأَبدانِ والأشخاصِ.

§        ثانياً: الحكمةُ من مشروعيَّتِها:
شُرِعت صدقةُ الفِطر لحكمٍ عديدةٍ، أهمُّها اثنتان:
الأولى: تفقُّدُ الفقراءِ، والرفقُ بهم، وإدخالُ السرور عليهم، وإغناؤهم عن السؤال في يوم العيد.
الثانية: تطهيرُ الصائِم من اللَّغوِ والرفثِ، وجبرُ الخلل الذي يعتري صيامَه إذا أذنبَ، أو قصَّر في حقِّ الله تعالى.
ويدلُّ لذلك ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (فَرَضَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ اَلْفِطْرِ; طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اَللَّغْوِ وَالرَّفَثِ, وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ؛ فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ اَلصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ, وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ اَلصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ اَلصَّدَقَاتِ) أخرجه أبو داود وابن ماجه, وصححه الحاكم.

§        ثالثاً: حُكم صدقةِ الفِطر:
صدقةُ الفطرِ واجبةٌ على المسلمين؛ ويدلُّ لذلك ما جاء في حديث ابن عباسٍ السابق: (فَرَضَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ اَلْفِطْرِ... ).

§        رابعاً: الذي تُخرجُ عنه صدقة الفطر:
صدقةُ الفِطر يُخرِجُها المُسلِم عن نفسِهِ، وأهلِ بيتِه الأحياءِ، وعن كلِّ من وجبتْ نفقتُهم عليه مِن مالِه؛ كالزوجة والأولاد، والأب والأم، إذا ملَكَ قيمتها زيادةً عن قوتِه وقوتِ من في نفقته ليلةَ العيدِ ويومَه، ولا يُشترط لوجوبها أن يكون المُخرِجُ مالكاً لنصاب زكاة المال.

§        خامساً: حكم إخراج صدقة الفطر عن الجنين:
إذا وُلد الجنينُ قبلَ غروبِ شمسِ آخرِ يومٍ في رمضانَ؛ وجبَ إخراجُ الزكاةِ عنه، أمَّا إذا غَربت شمسُ آخرِ يومٍ في رمضان وهو في بطن أمِّه؛ فلا يجب إخراجها عنه؛ لكن يستحب لما نُقِلَ عن عثمانَ رضي الله عنه أنَّه فعل ذلك، ولِمَا جاء عن أَبِي قِلَابَةَ رضيَ اللهُ عنهُ قَالَ: (كَانَ يُعْجِبُهُمْ أَنْ يُعْطُوا زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ حَتَّى عَلَى الْحَبَلِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه.

§        سادساً: وقتُ إخراجِ صدقةِ الفطرِ:
يُسنُّ تأخيرُ إخراجِ صدقةِ الفِطر إلى آخرِ يومٍ أو يومينِ في رمضانَ؛ لما روى نافعٌ عن ابن عمر رضي الله عنهما: (وَكَانُوا يُعْطُونَ قَبْلَ الفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ) أخرجه البخاري، وليتحقق منها إغناءُ الفقراء عن المسألةِ يوم العيد، ويجوز إخراجها من أول يومٍ في شهرِ رمضانَ المباركِ.
ولا يجوزُ تأخيرُها عن صلاةِ العيدِ؛ لأنَّ المقصدَ منها إغناءُ الفقراءِ عن الطلبِ في يومِ السُّرورِ، ولو أخَّرَ المسلمُ صدقةَ فِطْرِه بغيرِ عُذرٍ كان عاصياً، ووَجَبَ عليه إخراجُهَا قضاءً؛ لخروجِ وقتها.

§        سابعاً: لمن تُعطى صدقة الفطر ؟
تُصرفُ زكاةُ الفِطرِ لمصارِف الزكاة الثمانيَةِ التي وردتْ في القرآن الكريم، ويُسنُّ تخصيصُها في الفقراءِ والمساكينِ؛ لتحقيق المقصد من مشروعيتها، وهو إغناءُ الفقراءِ عن الطلبِ، ويجوز دفع زكاة الفطر عن الجماعة لفقيرٍ واحدٍ، كما يجوز دفعها عن شخص واحدٍ لأكثر من فقير.

§        ثامناً: هل يجوز إخراج القيمة في صدقة الفطر ؟
تُخْرَجُ زكاةُ الفِطرِ من غالب الطَّعام الذي يَقْتَاتُهُ أهل البلد؛ لِما روى أَبو سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: (كُنَّا نُعْطِيهَا فِي زَمَانِ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - صَاعًا مِنْ طَعَامٍ, أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ, أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ, أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ) مُتَّفَقٌ عَلَيْه.
كما يجوزُ إخراجُ قيمتِها بالنقودِ المتداولةِ في البلد على الراجح من مذاهبِ العلماءِ، وهو مذهب سفيان الثوري، وعمر بن عبد العزيز، والإمام أبي حنيفة، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، ومال إليه الشيخ الألباني في فتاواه؛ لأنَّ المقصد منها إغناءُ الفقراء عن السؤال يوم العيد، والنُّقود أبلغُ في تحقيق ذلك، كما أنّ التمر والشعير والزبيب الوارد ذكرها في الحديث قد كانت من غالب قوت البلدِ، فكان إخراجُهُا أيسرَ على المنفق، وأنفعَ للآخذ، وكذلك الحال في النُّقود اليوم؛ فإنَّ إخراجها أيسرُ على المنفق، كما أنَّ قبضَها أَنْفعُ للآخذ.

§        تاسعاً: قيمة صدقة الفطر لهذا العام:
حدَّد المجلسُ الأعلى للإفتاءِ في فلسطين مقدارَ صدقةِ الفِطر لهذا العام 1434 هـ لمن أراد إخراج القيمة بمبلغ (تسعة شواكل) عن كل فردٍ، والله تعالى أعلم.

وصلَّى الله على نبيه محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق