الثلاثاء، 24 مايو 2016

وليس الله من وراء القصد

وليس الله من وراء القصد!
استَحضَرَ النيَّةَ، وجلَسَ إلَى حاسُوبِهِ المَحمُولِ، ثم استجمَعَ أفكَارَهُ، وعَصَرَ ذهنَهُ، وراحَتْ أصابعُهُ تدُوسُ لوحَةَ المفاتِيحِ بِكُلِّ خِفَّةٍ وسَلاسَةٍ، يكتبُ مُتحفِّزاً كأنَّه يُناظِرُ مُلحِداً، أو يُحَاوِرُ شَيطَاناً مَريداً، وقَد جَمَعَ مِن ألفَاظِ السبِّ أقذَعَهَا، ومن بذِيء الشَّتَائِمِ أشدَّهَا، ناهيكَ عَن عباراتِ التَّفسيقِ والتَّبدِيعِ والتَّخوينِ... والتَّكفيرِ!!، كل ذلكَ فِي مَسائلَ لا تتعلَّقُ بأصولِ الدينِ، بلْ تتَّصِلُ بمَا وَقَعَ فيهِ الخِلافُ مِن فروعِهِ، ممّا كانَ للسَّابقِينَ مِن ثِقاةِ أهلِ العلمِ نقاشٌ فيهِ ومراجعاتٌ.. ثم اختتَمَ مقَالَهُ بِقولِهِ: (واللهُ مِن ورَاءِ القَصدِ)!!!
يَا هذَا..
أينَ اللهُ مِن قصدِكَ؟
ومتَى تعبَّدنَا اللهُ بالبذَاءَةِ والوقوعِ فِي أعراضِ الناسِ؟
وهلْ مِن مقاصِدِ الشَّرعِ سَبُّ النّاسِ وتسفِيهُ كلِ مَن خَالفَ هَواكَ؟
يَا مِسكين.. كان ينبغِي أنْ تكتبَ فِي نهايَةِ سبابِكَ: (وليسَ اللهُ مِن وَراءِ القصدِ! إنَّما هُوَ الانتصارُ للهَوى، والبحثُ عَن حَظّ النفسِ، وتبديعُ المُخالِف، ولو كَانَ عَلَى حَقٍّ!).
أيُّهَا الكاتِبُونَ مَهلاً.. فلقَد بلَغَنَا عَن بعضِ السَّلفِ قولُهُم: "إذَا رأيتَ الرَّجُلَ يُدافِعُ عَن الحقِّ، فيَشْتُمُ، ويسُبُّ، ويغضَبُ، فاعلَمْ أنَّهُ معلُولُ النّيَّةِ؛ لأنَّ الحقَّ لا يحتاجُ إلَى هَذَا، يكفِي الحَقَّ أنْ تَصْدَحَ بِهِ، حتَّى يُستَجَابَ لَهُ"، وقَد عَلِمنَا مِن سُنَّةِ نَبِيِّنَا أنَّ المؤمنَ ليسَ طَعَّاناً ولا لعَّاناً ولا فَاحِشاً ولا بَذِيئاً..
والله من وراء القصد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق