الأحد، 3 نوفمبر 2013

إتحافُ الفُضلاءِ بأحكامِ يومِ عاشوراء


إتحافُ الفُضلاءِ بأحكامِ يومِ عاشوراء
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وبعدُ: فهذهِ طائفةٌ من الأحكامِ الفقهيَّةِ والتربويَّةِ المُتعلِّقةِ بشهرِ اللهِ المُحَرَّم ويومِ عاشوراء، إليكَ بيَانها في النقطتينِ التاليتينِ:
§        أولاً: فضائلُ شهرِ اللهِ المحرَّم ويومِ عاشوراء:
1.     شهرُ محرَّم شهرٌ فضيلٌ؛ لما أخرجَ مسلمٌ في صحيحهِ عن أبِي هريرةَ " أن رسولَ اللهِ r قال: (أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلاَةُ اللَّيْلِ).
2.     يُوافقُ يومُ (عاشوراء) اليومَ العاشرَ من شهرِ مُحَرَّم، ويُقالُ لليومِ الذي يسبقُه (تاسوعاء).
3.     يومُ عاشوراء لهُ مكانةٌ في الإسلامِ؛ لما أخرجَ مسلمٌ في صحيحهِ عن أبِي قتادةَ " أن النبي r قال: (وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ)، فصيامُ عاشوراء يُكفِّرُ ذنوبَ السنةِ الماضيةِ كاملةً، بشرطِ اجتنابِ الكبائرِ، وردِّ حقوقِ العبادِ لأصحابِها.
4.     يومُ عاشوراء حَدَثٌ تاريخيٌّ، فقد صامَه نبيُّ الله موسَى ; شكرًا لله الذِي نَجَّاه وقومَه، وأغرقَ فرعونَ وجندَه، وصامَهُ كفارُ قريشٍ؛ عملاً بما بقيَ عندهُم من ملَّةِ إبراهيم ;، وشكرًا للهِ تعالى لمَّا رفَع عنهم القَحطَ الذي أصابهُم، وكانوا يكسونَ الكعبةَ في هذا اليومِ من كلِّ عامٍ احتفاءً به. ويومُ عاشوراء نقطةُ تحولٍ بين الإيمانٍ والكفرٍ، ويُبشر المؤمنينَ بالنصرِ، واندحارِ الأعداءِ.
§        ثانياً: أحكامُ صيامِ عاشوراء، وشهر محرم:
1.     صيامُ يومِ عاشوراء سنةٌ عن النبي r، ويُستحبُّ لِمن أراد صيامَه أن يصومَ معه اليومَ التاسعَ مُخالفةً لليهودِ الذين يكتفون بصيامِ العاشرِ، فقد أخرج مسلمٌ في صحيحِه عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ م قال: (صَامَ رَسُولُ اللَّهِ < يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ؛ فقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ <: فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ)، فإن تعسَّر عليكَ صيامُ اليومِ التاسعِ؛ فَصُمْ الحادِي عَشَرَ معَ العاشرِ؛ تحقيقًا للمُخالفَةِ، ولو صُمْتَ الأيامَ الثلاثَة لكانَ حسنًا، ومن اقتصَرَ علَى صيامِ العَاشرِ فقط فلا حرجَ عليهِ إنْ شاءَ اللهُ تعالى.
2.     يُستحبُ تصويمُ الأطفالِ المُميِّزينَ في يومِ عاشوراء إذا كانوا يُطيقونَ ذلك؛ تعويداً لهم على العباداتِ والنوافلِ، ولأنَّ الصحابةَ ن كانُوا يفعلونَه.
3.     يجوزُ لمَن كانَ عليهِ قضاءُ صيامٍ أو كفارةٌ أن يقدِّم صيامَ يومِ عاشوراء عليهما؛ لتحصيلِ ثوابِ صيامِ هذا اليومِ الفضيلِ، وقد كان الإمامُ الزهريُّ يصومُ عاشوراء في السَّفرِ، ويُفطرُ رمضانَ، فلَمَّا سُئِلَ عن ذلكَ قال: (جَعَلَ اللهُ لرَمَضانَ عِدَّةً مِن أيَّامٍ أُخَر، وليسَ ذلكَ لعَاشُورَاء)، وننصَحُ مَن كانَ عليهِ قضاءُ صيامٍ أو كفارةٌ أنْ يُسَارِعَ لصيامِ مَا وَجَبَ عليهِ؛ تبرئةً لذِمَّتِهِ مِن العِبَادَةِ.
4.     لا يجوزُ لمَن أرادَ صيامَ عاشوراء أنْ يجمعَ في صيامِهِ بينَ نيَّةِ صيامِ الواجبِ؛ كالقضاءِ والكفارةِ، ونيَّة صيامِ عاشوراء؛ فكلُّ عبادةٍ مقصودةٌ لذاتِها، ولا تداخُلَ بين الصومِ الواجبِ والمندوبِ؛ لكنْ إذا وافقَ يومُ عاشوراء يوم الاثنينِ أو الخميس فلا حرجَ من إشراكِ النيَّةِ فيهِما.
5.     إذا وافقَ يومُ عاشوراء يومَ الجمُعةِ أو السبتِ؛ فلا حرجَ من إفراده بالصيامِ؛ لوجودِ السببِ المُقتضِي لذلكَ، ويجوزُ صومُ السبتِ في عبادَة التطوعِ؛ فقد أخرجَ ابن حبَّان وغيره عن أمِّ سلمةَ ك قالتْ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يَصُومُ يَوْمَ السَّبْتِ، وَيَوْمَ الْأَحَدِ، أَكْثَرَ مَا يَصُومُ مِنَ الْأَيَّامِ، وَيَقُولُ: إِنَّهُمَا يَوْمَا عِيدٍ لِلْمُشْرِكِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ أُخَالِفَهُمْ) حسَّنه الألبَانيُّ.
6.     يثبتُ لصيامِ عاشوراء من المستحبَّاتِ ما يثبتُ لرمضانُ؛ مثل تأخيرِ السَّحورِ، وتعجيلِ الفِطرِ على الرطب أو التمر مع الماءِ، وكذلكَ من أكلَ أو شَرِبَ ناسيًا أكمَلَ صَومَه؛ فإنَّما أَطعَمَهُ اللهُ وسقَاهُ.
7.     يجوزُ لِمَن لم يُبيِّت نيَّةَ صيامهِ مِن الليلِ أنْ ينويَ ذلكَ ما لَم يدخلْ الزَّوالُ، ويؤَذَّنَ للظُّهرِ، ما دامَ لم يِتناولْ أياًّ من المُفَطِّرات بعدَ أذانِ الفجرِ.
8.     يُستحبُّ الإكثارُ منَ الطاعاتِ في شهرِ محرم، وأهمُّها الصيامُ، لحديثِ أبي هريرة " السابق: (أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ)، وخاصَّةً ما كانَ فِي الأيامِ العشرَةِ الأوائلِ مِنْه؛ ذلك أنَّها أعظمُها لاشتمالِها علَى يومِ عاشوراء، وقد كانَ السَّلفُ الصَّالحُ يُعظمونَ هذه الأيامَ، ولكنْ لا يُشرَعُ تخصيصُ العشرةِ الأوائلِ منْ شهرِ مُحرَّم بالصوم؛ لأنَّه لم يثبتْ عن النَّبِيِّ r، ولم يُنقلْ عن أحدٍ من السلفِ الصالحِ.
وصلَّى اللهُ وسلَّم على سيِّدنا محمدٍ وعلى آلِه وأزواجِه وأصحابِه أجمعين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق